إطلالة علي عصر (الكالكوليت) المصري

Date:

بقلم –  ياسر الليثي

باحث أنثروبولوجيا ما قبل التاريخ

يؤرخ العصر الحجري المعدني (الكالكوليت)  في مصر من سنة 3800 إلي 3300 قبل الميلاد ، ويسمى بعصر ما قبل السلالات Predynastic وهي تسمية دقيقة لأن ظهور استعمال المعادن في مصر لم يحدث تغييراً مفاجئا فيها بل استمر ظهور ثقافات جديدة تعد استمرارا نوعياً لثقافات النيوليتك ، و عادة يقسم الآثاريون عصر ما قبل السلالات إلى أربع ثقافات متميزة هي (البدائية، المبكرة، الوسطى، المتأخرة).

في المرحلة البدائية ظهرت في الشمال ثقافة الفيوم،  وقد تعددت إبداعات الإنسان الحضارية وتنوعت خلال هذه الثقافة ، بحيث يمكن القول إن ثورة حضارية متعددة المظاهر قامت في هذا العصر، فقد أصبح الجفاف في المشرق العربي القديم حقيقة واقعة، مما دفع الإنسان إلى إبداع الزراعة كي يوفر غذاءه بنفسه، فالطبيعة أصبحت غير قادرة على تقديم الطعام له، ولذلك هاجر الإنسان من الصحارى إلى السهل الرسوبي على جانبي النيل والدلتا، بعد أن أخذ النيل شكل مجراه الحالي منذ نحو 14000ق.م، وقد اضطرته الزراعة إلى إقامة المسكن بجانب زرعه، ومن تجمع المساكن نشأت القرى والمدن، كما دفعه فائض محصوله إلى إبداع الفخار لحفظه. وهكذا نشأت التخصصات وقامت المشاغل لإنتاج الفخار والأدوات الزراعية وأدوات الزينة، مما أدى إلى نشوء الحرف.

 وفي الجنوبظهرت الثقافة البدارية، من حوالي 4400 حتى 4000 ق.م ،والتي اشتقت اسمها من موقع البداري، بالقرب من دير تاسا. وقد جاءت عقب الثقافة التاسية، لكنها كانت مشابهة لها لدرجة أن الكثير يعتبرون الثقافتين بمثابة ثقافة واحدة مستمرة.

خلال ثقافة البداري  بدأ الإنسان المصري في أستخدام المعادن ، وتطورت طرق الدفن وظهر ما يشير إلى وجود طقوس الدفن المرتبطة بالحيوانات.  

أستمرت الثقافة البدارية في إنتاج نوع من الفخار يطلق عليه الأواني ذات الحافة السوداء (لكنه شهد القليل من التطور) وتم تعيين الأرقام التسلسلية 21-29 لتأريخه.

الفرق الرئيسي الذي منع العلماء من دمج الثقافتين هو أن مواقع الثقافة البدارية كانت تستخدم النحاس بالإضافة للحجر ومن ثم فهي من مستوطنات العصر النحاسي، بينما المواقع التاسانية تعود إلى العصر الحجري الحديث والتي لا تزال تعتبر ضمن العصر الحجري.

وفي المرحلة المبكرة أيضاً ظهرت في شمال مصر ثقافة الجزري ، أما في الجنوب فقط ظهرت ثقافة (نقادة 1) و التي تميزت بشكل خاص بحسها الفني المرهف الموجود في منتجاتها الآثارية والفخارية بشكل خاص ، وظهرت صور الحيوانات المقربة للمصرين آنذاك كالأسماك والتماسيح وأفراس النهر …. وهي حيوانات مائية وبما شكلت منطلق عبادات محدودة و بدايات تقديس طوطمية حيث رسمت بعناية وظهرت معها رسومات الرقص والحركات الطقسية.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Share post:

Subscribe

spot_imgspot_img

Popular

More like this
Related

الولايات المتحدة الامريكية تواصل تهديدها لبنما و ردها العقابي اذا لم توقف تدخل الصين

أبلغ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو رئيس بنما أن...

نتنياهو ضيف البيت الابيض الاول لزيارة ترامب

على قمة اجندة رئيس الوزراء الاسرائيلي محادثاته مع ترامب...

آرسنال 5-1 مانشستر سيتي: المدفعجية يذلون الأبطال ويرسلون بيانًا ضخمًا للقب

حافظ أرسنال على حلم الدوري الإنجليزي الممتاز على قيد...

رغم ضغوط الجزائر بشأن الصحراء المغربية غانا ترفض الاستجابة

الجزائر - الصراع بين الجزائر و المغرب حول الصحراء الغربية...